الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
الكنز الثمين
95030 مشاهدة
الشيخ أظهر الحق أولا ثم قاتل من أشرك بالله الشرك الأكبر

ثاني عشر : الشيخ محمد بن عبد الوهاب أظهر الحق أولا ثم قاتل من أشرك بالله الشرك الأكبر:
ثم قال هذا الكاتب في السطر الرابع في الصفحة الرابعة:
[وغاب عن هذا المجرم قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ . وقال -عليه الصلاة والسلام- إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار وقال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ... إلخ].
جوابه:
أن يقال: أنت أيها القائل أولى بوصف الإجرام؛ حيث بالغت في نفي بعض صفات الله الكمالية التي أثبتها لنفسه، وحيث أجزت للناس دعاء غير الله أو التوسل بذوات المخلوقين، الذي هو وسيلة إلى الإشراك بالله، وحيث روَّجتَ تلك الأكاذيب على أهل الجهل وضعفاء البصائر لتوقعهم في الضلال، وحيث ظلمت أهل العلم والدين ورميتهم بما هم بريئون منه من الإجرام والزندقة والتشبيه، فأنت أولى بهذه الأوصاف، وقد ذكرنا سابقا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه . أي: رجع عليه تكفيره أو رميه للأبرياء بالإجرام والزندقة، فأما الآية الكريمة فقد نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرف معناها ولم يتوقف عن الغزو والقتال للكفار، وبعث السرايا والجيوش لقتال المشركين وتوصيتهم بالدعوة ثم القتال، كما في حديث بريدة من قوله: وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم . فذكر الإسلام ثم الجزية ثم قال: فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم… الحديث وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً . وقال تعالى: سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ .

فالقتال إلى أن يحصل الإسلام هو إكراه على الدين، فعلى هذا فالآية منسوخة بآيات القتال العام للمشركين، أو خاصة بأهل الكتاب الذين يبقون على دينهم مع بذل الجزية ولا يكرهون على الدين، أو خاصة بمن نزلت فيه من أولاد الأنصار الذين تهودوا أو تنصروا، فمنع الله أولياءهم من إكراههم على الدخول في الإسلام، وعلى كل حال فمتى أصر الكافرون أو المشركون على كفرهم، وعاندوا فإنه فرض على المسلمين، وولاة أمورهم قتالهم حتى يسلموا ويوحدوا الله تعالى، ومتى ارتدوا وخرجوا عن الإسلام، أو فعلوا ما يناقضه وجب إقامة الحد عليهم ولو بالقتل لحديث: من بدَّل دينه فاقتلوه .
وقد شرع الله الجهاد في سبيله وعمل به المسلمون في كل زمان ومكان، فقاتلوا أصناف الكفار، حتى توسعت رقعة الإسلام، ودخل الناس في دين الله عن طوع واختيار، أو عن إلجاء وإكراه، وعلى ذلك حمل قوله -صلى الله عليه وسلم- عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل .

فأما حديث: إذا التقى المسلمان بسيفيهما… الحديث، وحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر . وآية: وَمَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا . فقد قيدت بالمسلم والمؤمن الذي أسلم لله وحده، وآمن به ربا وإلها وعمل بحقيقة الإلهية؛ فوحد الله وأخلص له الدين، واستسلم لله بالتوحيد، وانقاد له بالطاعة، وتبرأ من الشرك ومن المشركين أينما كانوا، ونابذهم وأظهر لهم البغض والعداوة، فهذا هو الذي سبابه فسوق وقتاله كفر، ومن قتله متعمدا فجزاؤه جهنم، وهؤلاء لم يقاتلهم الشيخ محمد -رحمه الله- بل صادقهم ووافقهم ونصح لهم وأحبهم وصافاهم؛ لأنهم إخوته في الدين، وإنما قاتل من أشرك بالله الشرك المحبط للأعمال: بدعاء الأموات، والاستنجاد بهم، والهتاف بأسمائهم، والحلف بهم، وتعظيمهم بما لا يستحقه إلا الله، فهم قد أبطلوا توحيدهم ونقضوا إيمانهم وأخلّوا بوصف الإسلام، فقاتلهم ليرجعوا إلى دينهم، وينيبوا إلى ربهم، فله عليهم المنة والفضل، حيث بين لهم الحق وردَّهم إليه فأجره على الله.